أثناء تصفحي موقع اليوتيوب الأسبوع الماضي، شاهدث مقطعا لأحد الأهداف الطريفة في عالم كرة القدم. كان الطريف والمضحك في الهدف كما بدا في عنوان المقطع، أن اللاعب سجل الهدف بيده ولكنه، وبعد احتساب الحكم للهدف، سجد لله شكرا وكأنه لم يقم بأي مخالفة! ذلك المقطع قادني، كما هي عادة اليوتيوب دائما، إلى بعض المقاطع التي تتحدث عن الأخلاقيات في كرة القدم. كانت بعض تلك المقاطع تعرض أمثلة للعب النظيف أو العادل (fair play) بينما كانت هناك مقاطع ترصد حالات للخداع والغش والتحايل على الحكام. أثناء مشاهدتي لتلك المقاطع، لفت انتباهي حجم التوثيق ودقته الذي تستطيع كاميرات “الإعادة البطيئة” أن تنقله للمشاهد لتترك له الحكم على أخلاقيات اللاعب والتزامه باللعب النظيف.
أثناء إبحاري بين المقاطع، شاهدت مقطعا أظهرت الإعادة البطيئة فيه أن ميروسلاف كلوزه سجل هدفا بيده في إحدى المباريات، إلا أن الإعادة أظهرت أيضا بأن كلوزه اعترف للحكم مباشرة بأن الهدف كان باليد ليقوم الحكم بإلغائه، ولينال كلوزه في المقابل احترام الجميع مشجعين وخصوما ويتم منحه جائزة اللعب النظيف نتيجة سلوكه. وفي المقابل، شاهدت مقطعا آخر يظهر اللاعب الفرنسي تيري هنري في مباراة ايرلندا الشهيرة وهو يلمس الكرة بيده مرتين قبل أن يمرر الكرة لزميله ليسجل هدفا ويحرم ايرلندا من التأهل لكأس العالم، وهو الموقف الذي جعل صحيفة ديلي تيلقراف الاسترالية تضع تيري على رأس قائمة الغشاشين الرياضيين. في مقطع آخر تظهر الإعادة أن ديفيد لويس لاعب تشيلسي السابق كان يقوم بالتمثيل على الحكم ليتسبب في طرد أحد اللاعبين، كما تظهر لقطة أخرى بأن اللاعب نفسه، ولكن هذه المرة مع باريس سان جيرمان وضد فريقه السابق تشيلسي، كان يقوم بمسح الرذاذ الصابوني المستخدم لتحديد مكان الخطأ ووضعه في مكان آخر للتحايل على الحكم وتغيير موقع الكرة. وعلى العكس، آظهرت إحدى اللقطات لاعب فريدر بريمان، آرون هانت، وهو يرفض الحصول على ضربة جزاء كان قد احتسبها الحكم لصالحه بعد اعترافه للحكم بأنه قام بالتمثيل للحصول عليها.
مابين ذلك اللاعب أو ذاك أمثلة كثيرة تعلمنا بأن الأخلاقيات والصدق تجبران الجمهور على احترام اللاعب، وأن اللاعب حتى وإن نجح في احتياله على الحكم، أو استطاع تجاوز القانون، أو أقنع نفسه وحاول إقناع غيره بأن الخطأ ليس خطأه فإن “الإعادة البطيئة” ستبقيه في نظر الكثيرين مذنبا. تماما كما حدث لتيري هنري الذي صرح بعد حادثة مباراة ايرلندا بأن الخطأ كان خطأ الحكم الذي لم يحتسب المخالفة، ومع أن تيري طالب لاحقا بإعادة المباراة كنوع من الندم، إلا أن ذلك لم يمنعه من تلقي انتقادات كثيرة بسبب الحادثة وجعل بعض شركات الإعلان تتراجع عن ارتباطها به نتيجة فعلته. في المقابل، تعلمنا تلك الأمثلة بأن جمال اللعب ومتعته في عدله ونظافته، بأن فرحة تحقيق الهدف لاتكتمل أبدا إذا لم يكن الهدف شريفا وعادلا. فآرون هنت، ومع أن فريقه كان يصارع للابتعاد عن شبح الهبوط رفض الحصول على ركلة الجزاء لأنه – وكما قال – لم يكن يرغب أبدا أن يكسب المباراة بالغش، ولذلك سمي بعدها بالبطل.
لنتخيل بأن كاميرات الإعادة البطيئة، تماما كتلك الموجودة في الملعب، موجودة في مكاتب موظفي الشركات، مدرائها ومجالس إدارتها، في غرف اجتماعاتهم، ترصد أفعالهم، قراراتهم، تعاملهم مع زملائهم وعملائهم ومنافسيهم فكم ياترى من المقاطع التي تتحدث عن “العمل النظيف” سنرى، كم من المقاطع سيفخر بها أصحابها، وكم من المقاطع سيلاحق أصحابها العار طوال الدهر، وكم من المقاطع ستكون طريفة جدا كذلك المقطع الذي سجل فيه اللاعب هدفا “بيده” ثم خر ساجدا لله!