منيرة وحصة.. حب لايموت!

قياسي

منيرة وحصة.. صديقتان حميمتان جمعهما الحب وغلف علاقتهما صدق منقطع النظير منذ الصغر. منذ أن كانتا طفلتين وهما لايهنأ لهما وقت إلا بقضائه معا، ولا يروق لهما حديث إلا إذا كانت إحداهما تتكلم والأخرى -بكل حماس- تستمع. عندما تنظر إليهما تشعر في داخلك بأن كلاهما لاتكتمل إلا بالأخرى، وعندما تستمع إلى أحاديثهما على انفراد لابد وأن تجد في حديث الواحدة منهن إشارة لطيفة مباشرة أو غير مباشرة إلى صديقتها الأخرى. كبرا ففرقتهما الدنيا. لم تعد ألعاب “الصغار” تجمعهما كثيرا كما كانت فمسئوليات “الكبار” سرقت منهما – بكل جرأة – ذلك الوقت الذي كانا يقضيانه سويا، وسلبت منهما -بكل قسوة- تلك اللحظات الجميلة التي كانت تزيد حياتهما الجميلة جمالا. ومع مرور السنوات، بدأ عنكبوت “البعد” ينسج شباكه بينهما ويحاول بكل خبث أن يقطع بعضا من حبال الوصل التي تعبتا معا على مدار السنين في نسجها..
الاسبوع الماضي قررت أن أجمع تلك الانسانتين معا. كان هدفي أن أمنحهما فرصة أخرى لاسترجاع ماضي الأيام وحلو الذكريات. كان هدفي أن أملأ قلوبهما الطاهرة بشيء من دماء الماضي الجميل ورائع الأيام الخالية. قدمت لهما دعوة للحضور إلى منزلي وتناول طعام العشاء معا بحضور بعض الأقارب، وكنت في قمة السعادة وأنا أراهما يلبيان دعوتي بكل فرح وشوق.
وفي مجلسي، في تلك الليلة الجميلة، كنت أجلس بين تلك الانسانتين الجميلتين..
الانسانتين اللتان رزقهما الله من أبناء الأحفاد عددا كثيرا.. ومن الأحفاد عددا أكثر وأكثر..
بين تلك الانسانتين اللتان كنت أراهما وهما يتبادلان بكل فرح ذكرياتهما الجميلة أيام الصغر.
كنت أجلس بين “منيرة” جدتي لأمي، و”حصة” أخت جدتي لأبي وأنا أحمد الله أن منحني شرف جمعهما تحت سقف واحد، وشرف الاستماع إلى دعوات صادقة وجميلة يوجهانها لي ولعائلتي الصغيرة بالتوفيق والسعادة طول العمر!

كيف تنتقم من عميل اشتكى عليك؟!

قياسي

اليوم كنت في مراجعة بنكي المفضل لاستخراج بطاقة “فيزا” بديلة وفورية بعد أن ابتلع الصراف بطاقتي الأصلية. دخلت صالة استصدار البطاقات البديلة الفورية وأخذت رقمي ٦٠٦. كانت الصالة ممتلئة بعدد كبير من المراجعين يخدمهم موظفان وآلة طباعة بطاقات واحدة. كان الساعة قرابة الواحدة ظهرا والرقم المعروض على الشاشة ٥٥١. أخذت مكاني وجلست أنتظر دوري. كانت الخدمة بطيئة جدا فعلى سبيل المثال بعد مرور ساعة كاملة أصبح الرقم المعروض على الشاشة ٥٥٦. بصراحة كنت أعرف تماما ظروف اليوم الأخير من العمل وزحمته التي غالبا ماتنتج عن تأجيلنا لأعمالنا لآخر لحظة، ولكن ماحيلتي وقد حضرت للبنك قبل ذلك اليوم وأفادني الموظف بأن الطابعة متعطلة وعلي مراجعة البنك في يوم آخر!
المهم قررت الاستسلام والانتظار طمعا في الحصول على بطاقتي البديلة التي أحتاجها ضروريا أثناء سفري للخارج لقضاء إجازة العيد. وبينما كانت جحافل العملاء تعاني الانتظار وتحاول بشتى الطرق الحصول على خدمات البنك منهم الجالس على كرسيه ومنهم الجالس على الأرض ومنهم الواقف كنت أنا اتصفح تويتر “صديقي الصدوق” وأتتنقل بين المغردين في محاولة مني لقتل الطفش وطول الانتظار. أثناء تصفحي وقعت على الحساب الرسمي الإلكتروني لخدمة العملاء لبنكي المفضل فقررت أن أكون إيجابيا وأن أنقل الصورة لإدارة البنك. كتبت تغريدة في منشن خدمة العملاء الإلكتروني وأرفقتها بصورة من موقع الحدث ثم واصلت التصفح. بعدها بنصف ساعة تقريبا دخل مدير الفرع ينادي على اسمي. بصراحة كنت أتوقع بأن إدارة الفرع بحكم معرفتي بمعايير البنك العالية وسمعته العالمية قد علمت بأمر التغريدة وأنها ستشكرني على ملاحظتي وتعتذر لي عن التأخير الحاصل ولكن المفاجأة كانت أن مدير الفرع بعد أن تأكد من أنني صاحب التغريدة بدأ في محاولة التبرير لذلك التأخير وإلقاء اللوم بطريقة غير مباشرة على العملاء الذين لم يراجعوا البنك إلا في آخر يوم. كان حديث مدير الفرع معي، وأمام الكل، حديثا أثار استياء المراجعين الذين لم يتوقعوا أبدا أن يدافع المدير عن التأخير بقدر ماتوقعوا أن يبحث المدير عن حلول للمشكلة وتعجيل عملية صرف البطاقات بطريقة أو أخرى. بعد أن خرج المدير من الصالة شكرني جدا من كان بجانبي خصوصا وأن اثنين من الموظفين بعد التغريدة دخلوا الصالة لمساعدة زملائهم والأرقام بدأت تصبح في تناقصها أسرع من السابق. لا أخفيكم سرا بأنني شعرت بإيجابيتي في التعامل مع مشكلة التأخير بإيصالها إلى مسئولي البنك عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي الذين تعاملوا بسرعة وفاعلية مع التغريدة.
وبعد أن وصل الرقم ٦٠٦ أخيرا وناداني الموظف قمت بتعبئة بياناتي وأنا أحمد الله بأنني أخيرا وبعد قرابة الأربع ساعات من الانتظار سأحصل على بطاقتي وأستخدمها في سفري بكل راحة وطمأنينة بال.
بعد ذلك واصل موظفو البنك النداء على الأرقام إلى أن وصلوا إلى آخر رقم، الرقم ٦٢٥ يزيد أو ينقص قليلا. تمت خدمة جميع العملاء أصحاب الأرقام التي قبلي والتي بعدي وصرفت لهم بطاقاتهم البديلة وخرجوا سعداء من البنك ولم يبق من المراجعين سوى عميل واحد فقط، العميل الذي حينما حان دوره أفاده الموظف بأن حبر طابعة البطاقات قد انتهى وأن الوعد بعد العيد، العميل المخلص الذي أرسل التغريدة “باسم الفصام”!