الحوت الذي أبكاني!

قياسي

منذ أشهر وأنا أنتظر أن تحين لحظة سفري إلى أستراليا. كنت أنتظر تلك اللحظة على أحر من الجمر. فبالإضافة إلى إنجاز بعض الأعمال هناك سأتمكن أخيرا من رؤية الحوت الذي كنت دائما ما أتمنى أن أراه على الطبيعة. أرى ذيله الضخم وهو يمخر العباب وأرى نافورة الماء وهي تخرج من رأسه. منذ أن كنت صغيرا وأنا أتمنى أن أشعر ولو جزئيا بشعور سيدنا يونس عليه السلام وهو يلقى من السفينة فيلتقطه الحوت. كانت رؤية الحوت إحدى أكبر أحلامي وطموحاتي في هذه الدنيا.. وأجملها.

في شهر يناير من هذه السنة وبعد رحلة طويلة وشاقة وصلت استراليا. كنت أتحرق شوقا للانتهاء من أعمالي حتى أذهب في رحلة بحرية لرؤية الحوت ومشاهدته. بمجرد فراغي، انطلقت إلى أقرب مكتب سياحي. قلت للشخص الذي يعمل فيه بلغة انجليزية واثقة ومؤدبة.. ومتحمسة: ممكن تحجز لي على أقرب رحلة بحرية لمشاهدة الحوت؟ ابتسم لي ثم أجابني بإجابة لم أتوقعها أبدا. فغرت فاي و “طارت عيوني” لم أصدق أبدا ما قال! سألته مرة أخرى فأجابني بنفس الإجابة وبنفس الابتسامة. صعقت. شعرت للمرة الأولى منذ سنوات بأنني أرغب في البكاء كطفل. تسمرت في مكاني لدقيقة من هول الصدمة. حاولت بكل قوتي -كرجل- أن أسيطر على تعابير وجهي. استدرت وغادرت المكان أجر أذيال الخيبة وأمسح دمعة انحدرت غصبا عني، بينما كانت ورائي لوحة لم أنتبه إليها عندما دخلت، معلقة على باب المكتب ومكتوب عليها:
“أعزائي السياح، لاتوجد رحلات بحرية لمشاهدة الحيتان حاليا. موسم تواجد الحيتان يبدأ في شهر مايو وينتهي في نوفمبر!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *