تغريدات حول أخلاقيات العمل وجهود المملكة في هذا المجال

قياسي

استمتعت بقراءة عدة تغريدات نشرها الدكتور عبدالمحسن المفرج حول ⁧#غسيل_الأموال⁩ حث فيها مشكورا صاحب كل تخصص أن يتحدث فيها عن مجال تخصصه وعن جهود مملكتنا الحبيبة في هذا المجال. وبحكم تخصصي في ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ (Business Ethics) واهتمامي بمكافحة الفساد سأشارك بهذه التغريدات..

سأحاول في هذه التغريدات تبسيط لغة الحديث لأقصى حد ممكن والابتعاد عن المصطلحات التخصصية حتى يسهل فهمها على القارئ. ما أرجوه من تغريداتي هنا هو مساعدة القارئ على استيعاب مفهوم ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ و ⁧#الامتثال⁩.. وبالتالي القدرة على الحديث عن ذلك مع الأصدقاء والأهل لزيادة وعيهم حول ذلك..

سأحاول في هذه التغريدات تبسيط لغة الحديث لأقصى حد ممكن والابتعاد عن المصطلحات التخصصية حتى يسهل فهمها على القارئ. ما أرجوه من تغريداتي هنا هو مساعدة القارئ على استيعاب مفهوم ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ و ⁧#الامتثال⁩.. وبالتالي القدرة على الحديث عن ذلك مع الأصدقاء والأهل لزيادة وعيهم حول ذلك..

أولا:

ماذا يعني ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ ؟

أخلاقيات العمل هي الطريقة التي تؤدي بها الشركة أو الجهة أعمالها وتتعامل من خلالها مع كل من تربطها به علاقة،سواء من موظفين أو شركات متعاقدةأو عملاء أو جهات حكومية.أخلاقيات العمل عند الشركة أو الجهة تشبه تماما أخلاق الإنسان التي يتعامل بها مع الغير

وللتوضيح بمثال: ممكن أن نرى إنسانا صادقا ونزيها وعادلا، لايمارس الخداع في تعاملاته مع الآخرين.. ولايكذب من أجل الوصول إلى غاية يريدها، ويتعامل مع الجميع بعدل، وهمه الأكبر أن “يسوي الشي” بطريقة سليمة و “صح” فنقول عن هذا الإنسان بأنه “أخلاق”..

وفي المقابل عندما نرى إنسانا يكذب ويحتال من أجل الحصول على مايريد، أوممكن انك تشتريه بالفلوس وتخليه يسوي أي شي حتى لو كان “غلط”، أو انه يتعامل مع الآخرين بطريقة سيئة ويظلمهم أو يغشهم أو ياكل حقوقهم فإننا نقول عن هذا الإنسان بأنه إنسان “سيء”

⁧#أخلاقيات_العمل⁩

وكذلك هي الحال بالنسبة لـ ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ في المنشآت، فالشركة أو الجهة التي تؤدي أعمالها مع كل من تتعامل معه بطريقة نزيهة وسليمة ولايوجد فيها غش أو خداع أو تضليل أو ظلم أو طرق “ملتوية” ومن “تحت الطاولة” لإنجاز الأعمال، وتربي موظفيها على الأخلاقيات هي منشأة ملتزمة بأخلاقيات العمل.

وفي المقابل، فإن الشركة التي تحاول تحقيق أهدافها بالاحتيال وتضليل الآخرين، وقد تدفع ⁧#الرشاوي⁩ أو تحصل عليها من أجل إنجاز العمل، أو لاتعمل بطريقة تتفق مع الأنظمة، أو تبحث عن الثغرات فيها، وقد تعاقب أو تفصل كل من يحاول منع ذلك فإن مثل هذه الشركة لديها خلل في ⁧#أخلاقيات_العمل⁩

من الأمثلة على الممارسات التي تتعارض مع ⁧#أخلاقيات_العمل⁩

الرشاوي

الهدايا الباذخة بغرض التأثير على القرار

الانتقام من الأشخاص الذين يبلغون عن الفساد

تقديم المصلحة الشخصية على مصلحة العمل

المنافسة غير العادلة

التلاعب بالقوائم المالية لتظهر بصورة أفضل

إساءة التعامل مع الموظفين

وفي المقابل فمن الأمثلة التي تدل على التزام الشركة أو الجهة بأخلاقيات العمل:

وجود إدارة نزيهة وأمينة

وجود ميثاق لأخلاقيات العمل

تدريب الموظفين على التعامل مع الحالات التي قد يواجههم فيها مايخالف أخلاقيات العمل

توفير بيئة آمنة للإبلاغ عن مايتعارض مع أخلاقيات العمل

وغير ذلك..

ماسبق ذكره هو مجرد أمثلة يوجد غيرها الكثير سواء من ناحية الممارسات التي تتعارض مع أخلاقيات العمل، أو الممارسات التي تبنيها وتعززها داخل المنشأة. كان هدفي هو فقط أن أعطي القارئ فكرة عامة عن ماتعنيه ⁧#أخلاقيات_العمل⁩

والآن سأتحدث عن بعض جهود مملكتنا الحبيبة في هذا الجانب.

إن إنشاء هيئة مكافحة الفساد ⁧#نزاهة⁩ وربطها مباشرة بالملك أحد الصور التي تعكس لنا اهتمام مملكتنا بأداء العمل بطريقة سليمة ونزيهة وبالتالي العمل بطريقة تتفق مع ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ .بالإمكان الإطلاع على موقع نزاهة أو حسابها على تويتر ⁦@nazaha_gov_sa⁩ لمعرفة المزيد عن مسؤوليات نزاهة

إن المنهج الذي تسير عليه مملكتنا في محاربة الفساد يأتي من أعلى الهرم في الدولة. جميعنا لاننسى كلمات ⁧#الملك_سلمان⁩ حول الفساد والتعامل معه، وكذلك تصريحات ولي عهده الأمير ⁧#محمد_بن_سلمان⁩ حول محاسبة المفسدين. بالإمكان البحث عنهما في اليوتيوب.

ومن الجهود أيضا إصدار مدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة، وإصدار الدليل الاسترشادي لقواعد ⁧#أخلاقيات_العمل⁩ ،وتوفير قنوات للإبلاغ عن المخالفات (مثل نزاهة)،وإصدار نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، ومعاقبة المفسدين وعدم التسامح معهم وغير ذلك من الأمثلة الأخرى..

الصندوق

قياسي

قصة قصيرة:

“الصندوق”

(تنبيه: هذه القصة من وحي الخيال. أرجو من عزيزي القارىء أن لايصدق أنها حقيقة)

الفصل الأول:

كان “عادل” متقوقعا لوحده في صندوق داخل الغرفة وفجأة سمع صوت أقدام تقترب منه.

⁃ “هذا هو هنا.. خلنا نطلعه”

أحس “عادل” للمرة الأولى منذ أسبوع بحركة أيد تحاول فتح الصندوق، وماهي إلا ثوان إلا وهو يرى فوقه رجلين يرتديان زيا رياضيا ويقولان له:

⁃ “يلا يا “عادل” اطلع”..

رفع “عادل” رأسه بصعوبة، ونظر إلى الرجلين نظرة حادة يكسوها الألم ثم قال:

⁃ “أنتم متأخرين تقريبا نص ساعة. تأخركم كان بسبب انكم جايعين وأخذتوا من المطعم تيك أوي واكلتوه في دورة المياه. اكلتوا في الدورة لأن الأكل في المكاتب ممنوع. وريحتكم واضح انها ريحة حمام. تكرمون”

نظر الرجلين لبعضهما وضحكا ثم قال الشخص الأول:

⁃ “يامجنون.. كيف عرفت ان حنا تأخرنا نص ساعة وانت اصلا مامعك ساعة.. يلا اطلع من صندوقك بس!!”

كان “عادل” يعرف الوقت من خلال انعكاس ظل ضوء الشمس المتسلل بخجل من النافذة على ذلك “الكأس الذهبي” الموضوع على رف في زاوية الغرفة المظلمة. كان “عادل” شديد الملاحظة ولايفوته شيء.

وبينما كانت عينا “عادل” تنظر بألم تجاه الكأس.. بدأ الكأس يتحول شيئا فشيئا إلى لون رمادي.. بدا وكأنه يحترق ويذوب.. انقطع تركيز “عادل” على الكأس عندما صرخ الشخص الثاني:

⁃ “عادل..اخلص علينا.. جهز نفسك.. عندنا مباراة بكرة.. لازم نفوز”

تمتم الشخص الأول بفرح:

⁃ “أكيد بنفوز..عادل معنا”

نظر “عادل” إلى الكأس مرة أخرى.. كان الكأس ذهبيا لامعا.

كان “عادل” متعبا للغاية، ليس بسبب المدة التي قضاها داخل الصندوق، وإنما بسبب عدد المرات التي تحامل فيها على نفسه وأنهكها جدا جدا في سبيل تحقيق الفوز.

الفصل الثاني:

انتهت المباراة بفوز الفريق بثلاثة أهداف مقابل لاشيء. استطاع “عادل” أن يسجل هدفا ويتسبب في ركلة جزاء للآخر. بينما كان الهدف الثالث من نصيب أحد اللاعبين.

⁃ “يلا.. ادخل الصندوق.. وعدنا الأسبوع الجاي”

كانت تلك العبارة آخر شيء سمعه عادل وهو يستسلم لتلك اليد التي تدفعه داخل الصندوق وتغلقه عليه..

ظلام دامس وهدوء قاتل. كان “عادل” داخل الصندوق يتذكر أحداث المباراة..أصوات جماهير الفريق الآخر ولحظات الأهداف.

كان “عادل” بعد كل مباراة وفي كل مرة يسجل هدفا أو يتسبب في ضربة جزاء أو ينقذ الفريق من هدف، يتذكر فقط أصوات مشجعي الفريق الآخر. يتذكرها جيدا وهي ترتفع بالسباب والشتم وأقذع الألفاظ. كانت تلك الأصوات تؤلمه حد الموت وتحطم فيه تمثال الانتصار بكل قسوة. حاول أن يتذكر هتافات الفرح والتشجيع له بعد الأهداف ليعيد بناء تمثال الانتصار في داخله فلم يستطع.. لم يكن أبدا قادرا على تذكرها. كان يتساءل فيما إذا كان قد سمعها أصلا أو أحس بها.

كانت تلك الذكريات التي تعرضها له ذاكرته تجعله يبكي من أعماق قلبه كطفل.

⁃ “عادل..تتذكر الهدف اللي باليد؟”. قالها لـ”عادل” لاعب الوسط الذي صنع الهدف.

⁃ “ايه اتذكره..”

⁃ “اشوى انها عدت عالحكم”

⁃ “هو هذا بس الهدف اللي عدا على الحكم؟!”

⁃ “طيب.. تتذكر ضربة الجزاء ذيك؟”

⁃ “أكيد أتذكرها”

⁃ “صارت عليها ضجة كبيرة.. ههههههه”

الفصل الثالث:

مباريات كثيرة مرت، وكان “عادل” دائما هو العلامة الفارقة وسبب الانتصار. بسبب “عادل” استطاع الفريق أن يحصد الكثير من النقاط في بطولة الدوري، ويصل للمباراة النهائية في كأس خادم الحرمين الشريفين. كانت جماهير “عادل” سعيدة أشد ماتكون السعادة بانتصارات فريقها. كانوا دائما مايمجدون فريقهم وينشؤون له الهاشتاقات على تويتر ويساهمون في جعلها ترند بتغريداتهم التي لا تتوقف عن قوة فريقهم وعن الدفاع عن “عادل” ومهاجمة كل من يتعرض له. كانت جماهير فريق “عادل” تشاهد أهداف فريقها على مدار الساعة من خلال اليوتيوب والبرامج التلفزيونية، بينما كان “عادل” قابعا داخل الصندوق لوحده.. في ظلام دامس مستغرقا في التفكير بألم وحزن وصراع نفسي رهيب ينتظر صوت وقع تلك الأقدام التي تنذر بخروجه من الصندوق للواقع المؤلم كل أسبوع.

⁃ “اطلع من الصندوق يا “عادل”.. اليوم مباراتنا النهائية على الكاس”

⁃ “الملك بيحضر المباراة؟”

⁃ “أكيد ياعدول”

أثناء المباراة لم يكن “عادل” يبدو على مايرام فلقد خذل الجماهير أكثر من مرة على مدار المباراة. للمرة الأولى شعر “عادل” بأنه قادر على سماع أصوات مشجعي الفريق ولكنها لم تكن أصوات تشجيع وهتاف بل كانت أصوات سباب وشتائم له ولوالدته. في أكثر من لقطة، بدا “عادل” محتارا ومرتبكا.

الفصل الرابع والأخير:

كانت الغرفة التي يقبع فيها “عادل” باهتة كالموت إلا من صندوق فارغ كتبت عليه أحرف إنجليزية و “كأس ذهبية” لم تعد لامعة كما كانت من قبل. كانت شوارع المدينة خالية من البشر كمدينة مهجورة. وفي نفس الوقت، كان الكل رجالا ونساء وأطفالا إما في مدرجات الملعب أو متسمرين أمام شاشات التلفاز والأجهزة الإلكترونية يراقبون بكل حماس وصمت ثوان المباراة الأخيرة..

⁃ “الكورة.. لمست يده.. بلنتي.. شكله بلنتي”

⁃ “كذااااابة”

دار هذا الحوار بين زوج وزوجته من خلف شاشات التلفاز في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع.

اللاعبون يتجمعون حول الحكم. الكل كان يتساءل هل لمست الكرة في يده أم لا. ثوان من الانتظار مرت كأنها سنوات على جماهير الفريقين. فجأة طلب الحكم من اللاعبين الابتعاد واتجه نحو “عادل” وسأله:

⁃ “هل كانت فيه لمسة يد؟”

تردد عادل لوهلة ثم بدأ يصرخ:

⁃ “ايه لمست يده.. لمست يده.. بلنتي لهم.. بلنتي لهم”

وانتهت المباراة بخسارة الفريق ليس للمباراة فقط وإنما للكأس والبطولة أيضا.

وفي صباح اليوم التالي، كانت تلك الغرفة مضاءة بأنوار كالطيف، تملؤها رائحة عطر “نقية”. لم يكن ذلك “الكأس الذهبي” موجودا.. وكان “عادل” جالسا بكل سعادة ورضى وطمأنية نفس داخل الصندوق.. ذلك الصندوق الذي كتب عليه بالخط العريض “VAR”.

باسم الفصام

١ أبريل ٢٠١٩

تويتر: balfassam

مدونة: www.ethicsbassem

إطلاق مؤشر مدركات الفساد في ٢١ فبراير ٢٠١٨

قياسي

قالت المنظمة الدولية للشفافية المعنية بمكافحة الفساد في العالم بأنها ستصدر مؤشرها السنوي الثالث والعشرين الخاص بمؤشرات الفساد في يوم الأربعاء الموافق ٢١ فبراير ٢٠١٨ عند الساعة السادسة مساء بتوقيت لندن (التاسعة مساء بتوقيت السعودية).

سيعرض المؤشر ترتيب ١٨٠ دولة بناء على مستويات الفساد الموجود في قطاعها العام (الحكومي). واعتمادا على إجابات رجال أعمال ومحللين متخصصين على استبيانات قدمت لهم، ستقوم المنظمة الدولية للشفافية باستعراض العلاقة بين الفساد وحرية التعبير وانحدار مستوى الحريات الشخصية في العالم.

ستوفر الهيئة متحدثين رسميين على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي لإجراء لقاءات حول نتائج المؤشر.

وسيتم إصدار نتائج المؤشر بالتزامن في لندن وبرلين ومن خلال المنظمات المحلية في العالم.

ستكون النتائج والمستندات الداعمة التي تشرح طريقة إجراء البحث، والتحليلات العالمية والإقليمية متوفرة للمدونين والصحفيين قبل تاريخ ٢١ فبراير شريطة أن لايتم نشرها قبل التاريخ المحدد، وقد يتم تنظيم لقاءات بالعربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والأسبانية من قبل سكرتارية منظمة هيئة الشفافية في برلين.

إذا كنت مدونا أو صحفيا وترغب في الحصول على نتائج المؤشر والبيان الصحفي المتعلق به فيرجى التواصل معنا وذكر اسمك وجهتك التي ستنشر الخبر والدولة التي تريد معرفة نتيجتها على البريد الإلكتروني التالي:

press@transparency.org

مترجم من المصدر:

https://www.transparency.org/news/pressrelease/transparency_international_to_launch_corruption_perceptions_index

المشاهير وأخلاقيات العمل الإعلامي!

قياسي

خلال الأسبوع الماضي حضرت ندوة بعنوان “بناء أخلاقيات الأعمال في الإعلام” ضمن مبادرة #أطلق_مشروعك ومع أنني بصراحة كنت أتوقع بأن محتوى الندوة سيكون أكثر تركيزا على أخلاقيات العمل إلا أنني استمتعت واستفدت كثيرا بما جاء فيها وخصوصا بأنها تطرقت لموضوع نحتاجه جدا في الوقت الحالي الذي تطمح فيه المملكة العربيةالسعودية إلى تحقيق الأفضل على جميع الأصعدة بما في ذلك النزاهة والشفافية وأخلاقيات العمل. الندوة ضمت صديقي الملهم الدكتور عبدالرحمن السلطان المدير التنفيذي للتوعية والإعلام بهيئة الغذاء والدواء، والأستاذ عبدالعزيز الخضيري المهتم بشؤون المستهلك، والأخت أضوى الدخيل المشهورة والمحترمة جدا على شبكات التواصل الإجتماعي.

خلال الندوة أدركت تماما بأن ما كنّا نتحدث عنه قبل سنوات حول أخلاقيات العمل الإعلامي يختلف تماما عن مايجب أن نتحدث عنه الآن حول الموضوع نفسه. في الماضي كان حديثنا عن أخلاقيات العمل الإعلامي موجها للصحفيين والكتاب وموظفي الجهات والإدارات الإعلامية فقط أما اليوم فالحديث موجه للكل. الجميع أصبح قادرًا من خلال جواله أن يمارس دورا إعلاميا “عالميا” في لحظة!

لتعزيز ثقافة أخلاقيات عملنا الإعلامية نحتاج إلى برنامج متكامل يركز على أهمية أخلاقيات العمل في الإعلام ويساعد من يمارس أي دور إعلامي سواء مؤسساتي أو شخصي على اتخاذ القرار الصحيح والسليم بخصوص كل مايقوم بنشره أو طرحه في وسائل الإعلام ومنها السوشيال ميديا. ولابد للبرنامج أن يكون عاما وموجها للجميع.

من وجهة نظري، لكي ينجح برنامج أخلاقيات العمل الإعلامي فإنه يحتاج إلى ثلاث ركائز أساسية يتبناها القوي الأمين. أولا، تطوير ووضع سياسات وأنظمة لأخلاقيات العمل الإعلامي. ثانيا، رفع مستوى الوعي بأهمية أخلاقيات العمل الإعلامي. ثالثا، تشجيع الإعلاميين سواء التابعين للمؤسسات الإعلامية أو المشاهير على سؤال أهل الاختصاص واستشارتهم حول أي أمر قد يبدو أن فيه مايعارض العمل الإعلامي السليم والنزيه.

عندما أتحدث عن وضع السياسات المتعلقة بأخلاقيات العمل الإعلامي فإنني أقصد الأنظمة والضوابط والتوجيهات التي توضح ماهو المتوقع من الممارس للدور الإعلامي وأيضا الإجراءات التأديبية التي يتم اتخاذها بحق الممارس في حال مخالفته للأنظمة. قد يشتمل ذلك على مواثيق لأخلاقيات العمل، سياسات متعلقة باستخدام مواقع التواصل بغرض نشر مواد إعلامية، سياسات حفظ الخصوصية، سياسات خاصة بالدعايات والإعلانات التي يقوم بها المشاهير إلخ.

وعندما أتحدث عن رفع مستوى الوعي بأخلاقيات العمل الإعلامي فإنني أتحدث عن تثقيف الممارسين الإعلاميين سواء المشهورين أو غيرهم بخصوص أهمية أخلاقيات العمل في مانقدم. مثلا، إن التزامنا بأخلاقيات العمل في إعلامنا يساعدنا على النجاح على المدى البعيد ويعطي صورة جميلة عن وطننا للعالم ويحمينا من أي مسؤليات قانونية.

أما عندما أتحدث عن تشجيع الممارسين الإعلاميين على الاستشارة وطرح الأسئلة للجهات المختصة قبل اتخاذ قرار إعلامي معين أو نشر مادة إعلامية ما، فإنني أتحدث عن توفير الجهات المختصة لقنوات تواصل كالهاتف أو الإيميل يستطيع المشهور أو الإعلامي السؤال من خلالها والتواصل مع الجهات المعنية وسؤالهم عن مايشكل عليه قبل اتخاذ أي قرار.

نصيحتي لكل إعلامي سواء كان كاتبا أو موظفا أو مشهورا يريد أن يجعل أخلاقيات العمل أساسا له هي مايلي:

النصيحة الأولى:

كن صادقا: احذر من أن تدفعك مصلحتك الشخصية للكذب أو التضليل. صدقك سيجعلك تعيش النجاح طويلا وليس لفترة قصيرة أو مؤقتة!

النصيحة الثانية:

كن إنسانا: إنسانيتك ستجعلك ترى الإنسان الآخر إنسانا أيضا وليس مجرد “درج” تصعد عليه للوصول إلى هدفك، عندما تكون “إنسانا” فإنك لن تجد نفسك أبدا تستغل إنسانا آخر من أجل أن تروج لمادتك الإعلامية أو تزيد من أرباحك. سترى الإنسان الآخر على أنه إنسان يحتاج إلى خبرتك ويستفيد منك ويشاركك في الرقي بمجتمعك ووطنك.

النصيحة الثالثة:

كن مسؤولا: التزم بالأنظمة والقوانين فيما تقدم واجعل القيم والمبادئ الأخلاقية هي أساس عملك. استشر وأسأل إذا كنت مترددا أو لاتعلم عن الأنظمة ذات العلاقة. ولاتنشر شيئا إلا إذا كنت مقتنعا تماما بأنك مسؤول عنه.

كلي ثقة بأن تطبيقك لهذه النصائح سيساعدك كثيرا في النجاح على المدى البعيد وسيحميك بإذن الله من أي حملة تطالب بتبليك المشاهير!

بالإعادة البطيئة!

ملاحظة

أثناء تصفحي موقع اليوتيوب الأسبوع الماضي، شاهدث مقطعا لأحد الأهداف الطريفة في عالم كرة القدم. كان الطريف والمضحك في الهدف كما بدا في عنوان المقطع، أن اللاعب سجل الهدف بيده ولكنه، وبعد احتساب الحكم للهدف، سجد لله شكرا وكأنه لم يقم بأي مخالفة! ذلك المقطع قادني، كما هي عادة اليوتيوب دائما، إلى بعض المقاطع التي تتحدث عن الأخلاقيات في كرة القدم. كانت بعض تلك المقاطع تعرض أمثلة للعب النظيف أو العادل (fair play) بينما كانت هناك مقاطع ترصد حالات للخداع والغش والتحايل على الحكام. أثناء مشاهدتي لتلك المقاطع، لفت انتباهي حجم التوثيق ودقته الذي تستطيع كاميرات “الإعادة البطيئة” أن تنقله للمشاهد لتترك له الحكم على أخلاقيات اللاعب والتزامه باللعب النظيف.

أثناء إبحاري بين المقاطع، شاهدت مقطعا أظهرت الإعادة البطيئة فيه أن ميروسلاف كلوزه سجل هدفا بيده في إحدى المباريات، إلا أن الإعادة أظهرت أيضا بأن كلوزه اعترف للحكم مباشرة بأن الهدف كان باليد ليقوم الحكم بإلغائه، ولينال كلوزه في المقابل احترام الجميع مشجعين وخصوما ويتم منحه جائزة اللعب النظيف نتيجة سلوكه. وفي المقابل، شاهدت مقطعا آخر يظهر اللاعب الفرنسي تيري هنري في مباراة ايرلندا الشهيرة وهو يلمس الكرة بيده مرتين قبل أن يمرر الكرة لزميله ليسجل هدفا ويحرم ايرلندا من التأهل لكأس العالم، وهو الموقف الذي جعل صحيفة ديلي تيلقراف الاسترالية تضع تيري على رأس قائمة الغشاشين الرياضيين. في مقطع آخر تظهر الإعادة أن ديفيد لويس لاعب تشيلسي السابق كان يقوم بالتمثيل على الحكم ليتسبب في طرد أحد اللاعبين، كما تظهر لقطة أخرى بأن اللاعب نفسه، ولكن هذه المرة مع باريس سان جيرمان وضد فريقه السابق تشيلسي، كان يقوم بمسح الرذاذ الصابوني المستخدم لتحديد مكان الخطأ ووضعه في مكان آخر للتحايل على الحكم وتغيير موقع الكرة. وعلى العكس، آظهرت إحدى اللقطات لاعب فريدر بريمان، آرون هانت، وهو يرفض الحصول على ضربة جزاء كان قد احتسبها الحكم لصالحه بعد اعترافه للحكم بأنه قام بالتمثيل للحصول عليها.

مابين ذلك اللاعب أو ذاك أمثلة كثيرة تعلمنا بأن الأخلاقيات والصدق تجبران الجمهور على احترام اللاعب، وأن اللاعب حتى وإن نجح في احتياله على الحكم، أو استطاع تجاوز القانون، أو أقنع نفسه وحاول إقناع غيره بأن الخطأ ليس خطأه فإن “الإعادة البطيئة” ستبقيه في نظر الكثيرين مذنبا. تماما كما حدث لتيري هنري الذي صرح بعد حادثة مباراة ايرلندا بأن الخطأ كان خطأ الحكم الذي لم يحتسب المخالفة، ومع أن تيري طالب لاحقا بإعادة المباراة كنوع من الندم، إلا أن ذلك لم يمنعه من تلقي انتقادات كثيرة بسبب الحادثة وجعل بعض شركات الإعلان تتراجع عن ارتباطها به نتيجة فعلته. في المقابل، تعلمنا تلك الأمثلة بأن جمال اللعب ومتعته في عدله ونظافته، بأن فرحة تحقيق الهدف لاتكتمل أبدا إذا لم يكن الهدف شريفا وعادلا. فآرون هنت، ومع أن فريقه كان يصارع للابتعاد عن شبح الهبوط رفض الحصول على ركلة الجزاء لأنه – وكما قال – لم يكن يرغب أبدا أن يكسب المباراة بالغش، ولذلك سمي بعدها بالبطل.

لنتخيل بأن كاميرات الإعادة البطيئة، تماما كتلك الموجودة في الملعب، موجودة في مكاتب موظفي الشركات، مدرائها ومجالس إدارتها، في غرف اجتماعاتهم، ترصد أفعالهم، قراراتهم، تعاملهم مع زملائهم وعملائهم ومنافسيهم فكم ياترى من المقاطع التي تتحدث عن “العمل النظيف” سنرى، كم من المقاطع سيفخر بها أصحابها، وكم من المقاطع سيلاحق أصحابها العار طوال الدهر، وكم من المقاطع ستكون طريفة جدا كذلك المقطع الذي سجل فيه اللاعب هدفا “بيده” ثم خر ساجدا لله!